الغيرة بين الزوجين
كيف تؤثر الغيرة بين الزوجين على العلاقة الزوجية؟
إنَّ الغيرة بين الزوجين من الصفات الفطريّة التي أودعها الله في النفس البشرية، فهي غريزة طبيعية كبقية الصفات التي خُلق الإنسان عليها. غير أنّ هذا الشعور، كغيره من المشاعر الإنسانية، قد يتحوّل من إحساس محمود إلى إحساس مؤلم ومذموم إذا تجاوز حدّه الطبيعي. فهناك من يتمتّع بقدرٍ معتدلٍ من الغيرة، يجعلها دافعًا للمحافظة على القيم والروابط، وهناك من تخرج غيرته عن حدّ الاعتدال لتصبح صفةً سلبية تُفسد أكثر مما تُصلح.
وإذا تجاوزت الغيرة حدودها المشروعة، تحوّلت إلى نقمة على صاحبها ومن حوله. فكثيرٌ من الجرائم التي تُعرف بجرائم العرض أو الشرف، ارتُكبت تحت تأثير الغيرة العمياء، واستندت إلى شائعاتٍ وأوهامٍ لا أساس لها من الصحّة، فأزهقت بسببها الأرواح، وانتهكت الحرمات بغير وجه حقّ. وهنا تنتقل الغيرة من كونها شعورًا فطريًا محمودًا إلى خلقٍ مذمومٍ يجرّ صاحبه من دائرة الخير إلى محيط الشر، فيغدو من الأمور التي يُبغضها الله عزّ وجل.
استراتيجيات عمليّة للتعامل مع الغيرة بين الزوجين
1. افتحوا حواراً صادقاً
ابدأ بمشاركة شعورك مع الشريك دون اتهام أو لوم. مثلاً: «أشعر بالخوف عندما…» بدلًا من «أنت تفعل…».
2. وضّحوا الحدود والتوقّعات
ناقشا ما هو مقبول لدى كلّ منكما وما يشكّل تهديدًا أو مصدر غيرة. الاتفاق المسبق على سلوك واضح يساعد على تهدئة المخاوف.
3. اعمل على بناء الثقة بالنفس
كلما حسّ أحد الزوجين بقيمته وشعوره بالأمان، قلّت الغيرة. جلسات فردية أو أعمال تعزّز الاستقلالية تشكّل داعمًا.
4. ركّزا على تعزيز العلاقة وليس السيطرة
بدلًا من متابعة أو مراقبة الشريك، بدّلا التركيز على بناء تجارب مشتركة، وقت نوعيّ، وذكريات إيجابية.
5. اطلبا مساعدة احترافيّة إن لزم الأمر
إذا كانت الغيرة تسبّب ضرراً أو تتحوّل إلى شكوك مستمرة أو تحكّم، فاستشارة مختصّ في العلاقات الزوجيّة أو علاج نفسي قد تكون ضرورية.
خاتمة
في ختام هذه المقالة، نذكّر بأن الغيرة بين الزوجين هي إحدى المشاعر الطبيعية التي قد تعبّر عن رغبة في الحفاظ على العلاقة، لكنها تصبح مشكلة عندما تُفقد التوازن. بتطبيق حوار مفتوح بين الزوجين، وتحديد حدود واضحة، وتعزيز الثقة بالنفس، يمكن أن تحوّل هذه الغيرة إلى فرصة لنموّ العلاقة بدلًا من أن تكون تهديدًا لها. تذكّروا: المفتاح ليس القضاء على الغيرة تماماً، بل إدارتها بحكمة وبناء علاقةٍ أقوى وأكثر صحّة.